الأخبار العالميّة

بيروت منكوبة تلملم ركامها..  وثروات المسؤولين مخزنة

تواصل العاصمة اللبنانية بيروت لملمة الركام جرّاء الانفجار الكبير الذي هزّ مرفأها وأدّى إلى سقوط 180 قتيلاً وأكثر من 6000 جريح وعشرات المفقودين الذين لا يزالون تحت الأنقاض فضلاً عن خسائر جسيمة في الممتلكات العامة والخاصة، قدرت بـ 15 مليار دولار.

وفي حين تستمر الدول حول العالم بتقديم المساعدات للبنان، الطبّية والغذائية التي يحتاجها سكان المناطق المنكوبة، وهي أقامت جسراً جوّياً لنقلها إلى بيروت، كان لافتاً عدم مبادرة أي مسؤول في الدولة اللبنانية حتى الآن إلى التبرّع بمبلغ معيّن أو التعهّد بإعادة إعمار ولو حيّ من الأحياء المُدمّرة على رغم ثرواتهم وكأن ما حلّ بالمدينة لا يعنيهم!

ومع أن عدداً كبيراً من المسؤولين اللبنانيين من أصحاب المليارات ويملكون شركات وعقارات على “مدّ الوطن” ومنهم من دخل قائمة “فوربس” لأغنى رجال العالم، إلا أن أحداً منهم لم يتبرّع بمبلغ من المال لمصلحة الأهالي المنكوبين الذين فقدوا بيوتهم نتيجة الانفجار وهم المتّهمون من قبل شريحة واسعة من اللبنانيين، بمراكمة الملايين بسبب صفقات عقدوها على حساب الدولة والمال العام.

ملايين مكدسة

ففي حين يتساءل العديد من اللبنانيين كيف يمكن لهؤلاء ألا يتحركوا أو يبادروا، تكشف عودة سريعة إلى ما أوردته مجلة “فوربس” الأميركية المتخصصة، في مقال سابق بعنوان “أغنى عشرة مسؤولين سياسيين في لبنان لسنة 2018″، صورة تقريبية عن حجم الملايين المكدسة في جيوب بعض المسؤولين.

فقد ظهر في المركز الأوّل رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي (إبن مدينة طرابلس أفقر المدن على البحر الأبيض المتوسط) حيث بلغت ثروته 3.3 مليار دولار (تراجعت إلى 2.5 مليار في تصنيف العام 2019 و2020)، يليه نائب رئيس الحكومة الأسبق عصام فارس بثروة بلغت 2.3 مليار دولار. وفي المركز الثالث جاء رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري بثروة بلغت 1.5 مليار دولار (خرج من لائحة التصنيف في العامين 2019 و2020)، في حين حلّ رئيس الجمهورية ميشال عون في المركز الرابع بثروة قدرت بـ1.2 مليار دولار.

أما الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي يملك العقارات وشركات غاز وبترول ونبيذ فقُدّرت ثروته بمليار دولار.

كذلك، رئيس مجلس النواب نبيه بري المتربّع على عرش السلطة التشريعية منذ أكثر من عشرين عاماً فقُدّرت ثروته بـ 78 مليون دولار. ورئيس الحكومة السابق تمام سلام: بـ71 مليون دولار.

والزعيم الشمالي رئيس “تيار المردة” النائب السابق سليمان فرنجية قُدّرت ثروته بـ 65 مليون دولار.

ورئيس الجمهورية السابق أمين الجميل فيبلغ حجم ثروته 58 مليون دولار.

وحلّ رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في المرتبة الأخيرة بثروة قُدّرت بـ 49 مليون دولار.

وعلى رغم أن هذا التصنيف لأثرياء لبنانيين بالإضافة الى مسؤولين آخرين لم تشملهم القائمة يُشكّل “مفاجآت” في بلد يُعاني من أزمة اقتصادية ومالية خانقة ودين تخطى حجمه التسعين مليار دولار أميركي، غير أن المفاجأة الأكبر أن أحداً من هؤلاء المسؤولين لم يتبرّع بشكل علني أقلها بمبلغ للأهالي المنكوبين.

لم يتواصل معنا مسؤولون سياسيون

وفي هذا السياق، قال رئيس مؤسسة كاريتاس إحدى أكبر الجمعيات التي تُعنى بالعمل الإنساني والناشطة في مجال توزيع المساعدات على الأهالي المتضررين لـ”العربية.نت” “لم نرَ أي مسؤول لبناني يجول على الأهالي الذين فقدوا بيوتهم”.

وأوضح الأب ميشال فضول “أن عدداً كبيراً من المتموّلين اللبنانيين وجمعيات NGOs خارج لبنان تواصلت معنا من أجل التبرّع بمبالغ مالية ومساعدات عيّنية للأهالي المتضررين من انفجار مرفأ بيروت، إلا أنّ أحداً من المسؤولين السياسيين أو الأحزاب لم يتواصل معنا في هذا المجال”.

كما أضاف “ربما يفضّلون عدم المرور بجمعيات إنسانية وتقديم المساعدات مباشرةً عبرهم للقول لمناصريهم إنهم الى جانبهم”.

مسؤولون مديونون

من جهته، تساءل الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي لـ”العربية.نت” “كيف يُمكن لهم أن يساعدوا بإعمار المناطق المنكوبة وهم كشفوا عن حساباتهم في لبنان فتبيّن أنهم مديونون ونحن من يجب مساعدتهم؟ لماذا عليهم أن يتبرعوا وهم حكموا لبنان بشفافية ونظافة كفّ وضحوّا بأغلى ما عندهم من أجل البلد فضلاً عن مساهمتهم بنهوض لبنان وتطوّره اقتصادياً ومالياً”؟

وفي 17 أوكتوبر/تشرين الأول الماضي، نزل اللبنانيون إلى الساحات تنديداً بفساد الطبقة السياسية التي أوصلت البلد إلى التدهور الاقتصادي والمالي، وطالبوا برحيلها تحت شعار “كلن يعني كلن”.

نهبوا أموال اللبنانيين

ولفت يشوعي إلى “أن هؤلاء نهبوا أموال اللبنانيين المحجوزة في المصارف ولا يستطيعون الحصول عليها، وهم لا يريدون المساعدة في إعادة إعمار المناطق المُدمّرة، لأنهم فقدوا حسّهم بالمسؤولية وفقدوا إنسانيتهم”.

يذكر أنه في أبلغ رسالة على فقدان الثقة بالطبقة السياسية الحاكمة المُتّهمة بالفساد، أعلنت عدة دول ومنظمات دولية أن مساعداتها للبنانيين لن تمرّ عبر القنوات الرسمية وإنما عبر جمعيات غير حكومية لا تبغي الربح لتُسلّمها إلى المتضررين والمنكوبين من انفجار المرفأ.

ويُشكّل الصليب الأحمر اللبناني أحد أبرز الجمعيات التي تتم بواسطتها نقل المساعدات والتبرّعات إلى اللبنانيين.

مساعدات من المغتربين اللبنانيين

وفي الإطار، أوضح الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتّانة لـ”العربية.نت” “أن القسم الأكبر من المتبرّعين، لبنانيون في دول الاغتراب ومنظمات دولية، وهم يتبرّعون عبر حساب مصرفي فتحناه خصيصاً لانفجار بيروت”.

ومع أنه نفى علمه بهوية هؤلاء، لأنهم يتبرّعون من خلال الحساب المصرفي، إلا أنه أثنى على “سخاء اللبنانيين في الخارج الذين سارعوا إلى مساعدة بلدهم المنكوب”.

تيار المستقبل جاهز

في المقابل، أكد النائب في “تيار المستقبل” الذي يرأسه الرئيس سعد الحريري، نزيه نجم لـ”العربية.نت” “أن الحريري أوعز لمسؤولي التيار ورؤساء المنسقيات بالنزول إلى المناطق المنكوبة ومعاينة الأضرار من أجل تقديم المساعدات”.

ولفت إلى “أن الحريري يعمل بصمت في هذا المجال ولا يُحبّذ الاستعراضات، وهو نزل منذ اللحظات الأولى لوقوع الانفجار إلى المناطق المتضررة من أجل تفقّدها، وأعطى تعليماته بتقديم شتّى أنواع المساعدات، طبّية وغذائية وعيّنية (مثل مواد البناء) للأهالي المتضررين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى